الثلاثاء، 22 يوليو 2008

رجال من التاريخ الإسلامي

سعيد بن جبير رحمه الله

كان الحجاج بن يوسف الثقفي من الولاة الظالمين الغاشمين ، وقد عمت سيئاته الأمة بأسرها .كان خالد بن عبد الملك القسري واليا على مكة ، وقد خُبِّرَ بوجود سعيد بن جبير فى ولايته ، فأراد أن يتخلص منه ، فألقى القبض عليه واعتقله ، وأرسل إلى الحجاج الظالم ودخل الإمام على الظالم.
قال الحجاج : ما اسمك ؟
قال سعيد : سعيد بن جبير.
الحجاج : بل أنت شقي بن كسير.
قال سعيد : بل كانت أمي أعلم باسمي منك.
الحجاج : شقيت أمك وشقيت أنت.
قال سعيد : الغيب يعلمه الله.
الحجاج : لأبدلنك بالدنيا نارا تلظى.
قال سعيد : لو علمت أن ذلك بيدك لاتخذتك إلهاً.
الحجاج : فما قولك في محمد؟
قال سعيد : نبي الرحمة وإمام الهدى.
الحجاج : فما قولك في علي أهو في الجنة أم في النار؟
سعيد : لو دخلت وعرفت من فيها ، عرفت أهلها.
الحجاج : فما قولك في الخلفاء؟
سعيد : لست عليهم بوكيل.
الحجاج : فأيهم أعجب إليك؟
سعيد : أرضاهم لخالقي.
الحجاج : فأيهم أرضى للخالق؟
سعيد : علم ذلك عند الذي يعلم سرهم ونجواهم.
الحجاج : أحب أن تصدقني.
سعيد : إن لم أحبك لن أكذبك.
الحجاج : فما بالك لم تضحك؟
سعيد : وكيف يضحك مخلوق خلق من طين والطين تأكله النار!!!
الحجاج : فما بالنا نضحك؟
سعيد : لم تستو القلوب.
ثم أمر الحجاج بالذهب والفضة واللؤلؤ والزبرجد فجمعه بين يديه.
فقال سعيد : إن كنت جمعته لتتقي به فزع يوم القيامة فصالح وإلا ففزعة واحدة تذهل كل مرضعة عما أرضعت ، ولا خير في شئ من الدنيا إلا ما طاب وزكا .ثم دعا الحجاج بالعود والناي ، فلما ضرب بالعود ونفخ في الناي بكى سعيد.
فقال الحجاج : ما يبكيك أهو اللعب؟
قال سعيد : هو الحزن ، أما النفخ فذكرني يوما عظيماً يوم ينفخ في الصور ، وأما العود فشجرة قطعت من غير حق !! وأما الأوتار فمن الشاة تبعث يوم القيامة !!!
فقال الحجاج : ويلك ياسعيد.
فقال سعيد : لا ويل لمن زحزح عن النار وأدخل الجنة.
قال الحجاج : اختر يا سعيد أي قتلة أقتلك؟
قال سعيد : اختر أنت لنفسك فوالله لا تقتلني قتلة إلا قتلك الله مثلها في الآخرة.
قال الحجاج : أتريد أن أعفو عنك؟
قال سعيد إن كان العفو فمن الله ، وأما أنت فلا براءة لك ولا عذر.
قال الحجاج : اذهبوا به فاقتلوه ، فلما خرج ضحك فأخبر الحجاج بذلك ، فردوه إليه.
قال الحجاج : ما أضحكك؟
قال سعيد : عجبت من جرأتك على الله وحلم الله عليك.
فأمر بالنطع فبسط ، وقال اقتلوه.
قال سعيد : وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين.
قال الحجاج : وجهوا به لغير القبلة.
قال سعيد : فأينما تولوا فَثَمَّ وجه الله.
قال الحجاج : كبوه على وجه.
قال سعيد : منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى.
قال الحجاج : اذبحوه.
قال سعيد : والسكين على رقبته وقد استسلم لقضاء الله : أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله ، خذها مني حتى تلقاني بها يوم القيامة ، اللهم لا تسلطه على أحد يقتله من بعدي.
وعاش الحجاج بعده أيام قلائل ، قيل ثلاثة وقيل خمسة ، وقيل خمسة عشر ، وقيل أكثر من ذلك ، فسلط الله على الحجاج البرودة حتى كان والنار حوله يضع يده فى الكانون فيحترق الجلد ولا يحس بالحرارة ووقعت الأكلة في داخله والدود ، فبعث إلى الحسن البصري فقال : أما قلت لك لا تتعرض للعلماء ؟ قتلت سعيداً !!!
ويقال : إنه كان في مرضه كلما نام رأى سعيداً آخذاً بمجامع ثوبه يقول له ياعدوا الله فيم قتلتني ؟ فيستيقظ مذعوراً فيقول مالي وسعيد بن جبير ، فسبحان الله الحليم الكريم يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته { وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ } (البقرة : 144) ، { وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ } (إبراهيم : 42)
قتل رحمه الله 95 هـ . رحمه الله تعالى ورضي عنه.
أعرض عن الهجران والتمادي *** وارحل لمولى منعم جــواد
ما العيش إلا في جواره ســارة *** قد شربوا من خالص الوداد

وصدق القائل :
خذوا كل دنياكم واتركوا *** فؤادي حراً وحيداً غريبـــــا
ًفـإني أعظمــكم دولـــــة *** وإن خلتموني طريداً سليبـــا
عماد حمدي...

ليست هناك تعليقات:

The Admin

The Admin
Emad Hamdy

الإسلام قادم